في بيت عالم: الشيخ محمد السعود

اقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم في تمسكهم واعتيادهم على السفر لزيارة إخوانهم من العلماء والانتفاع بلقياهم والاطلاع على أحوالهم حتى كان أحدهم يسير الأيام والليالي من أجل ذلك، ولا شك أن هذه الزيارة فيها مزايا عظيمة وفوائد متعددة، لأنها تدل على المحبة وعلى الرباط الإيماني وتوثيق أواصر الأخوة وتقوية الروح الجماعية، وتوسيع مجالاتها وإقامة للعشرة والمودة، وصفاء القلوب وتثبيتها، لأن العلماء ورثة الأنبياء، وأقرب الناس إلى الحق وأنصحهم للخلق، فكان من الواجب محبتهم ومعرفة قدرهم ومكانتهم والذب عن أعراضهم والانتصار لهم، من أجل هذا حطت قافلة المجلس العلمي المحلي لإقليم الفحص أنجرة بكل مكوناتها يتقدمهم السيد الرئيس والسادة الأعضاء وبعض المرشدين في بيت الشيخ الجليل محمد بن محمد السعود، أحد أبناء منطقة أنجرة الأخيار، وسليل بيت من بيوتات العلم والقراءات، وقد جاءت هذه الزيارة في إطار برنامج (في بيت عالم) الذي يسعى للتعريف بالشخصيات العلمية والتواصل معهم والوقوف إلى جانبهم.
ولد الشيخ محمد بن محمد السعود سنة 1960م بقرية الداهر التابعة لجماعة أنجرة في بيت علم وقراءات حيث تعهده والده بالتربية والرعاية إلى أن دخل الكتاب بمسقط رأسه وهو في سن مبكرة، حيث درس على مجموعة من الشيوخ من بينهم: الشيخ محمد بن سي أحمد من قرية لشقرش التابعة لجماعة أنجرة، والشيخ سي حسين من قرية الكحالين التابعة لجماعة تغرامت، والشيخ محمد سي الهاشمي من قرية واد أكلة التابعة لجماعة صدينة إقليم تطوان، ثم انتقل لدراسة وحفظ القرآن الكريم وتثبيته رسما وضبطا بمسجد تغرامت الفوقية، بعدها اتجه إلى قبيلة بني عروس “في إطار ما يسمى بالتخنيشة” ليستقر به الحال بمسجد الموجود بقرية الحصن (الشققرة) حيث درس على الشيخ الملقب بسي الفقير الذي كان يقطن في تليمين لمدة سنتين، كذلك درس وقرأ القرآن في مسجد وامرس بنفس القبيلة على يد الشيخ سي الرقاقي لمدة سنة واحدة وغيرهم من الفقهاء والمدررين.
بعد ذلك حط الرحال بمسجد عين الرمل التابع لجماعة القصر الصغير لدراسة مجموعة من الفنون والعلوم كالأجروميه وألفية ابن مالك وابن بري وابن عاشر ومصطلح الحديث والمنطق وغيرهم لمدة سنتين، ثم رجع إلى مسقط رأسه ليدرس على والده الشيخ محمد بن محمد السعود بعض العلوم مدة سنة، ثم انتقل إلى مسجد فدان شابو التابع لجماعة البحراويين ليدرس على الشيخ عبد المجيد ازميزم علوم الآلة والتفسير والأصول وغيرها من المواد، إلى أن وصله الخبر بمرض والده الفقيه محمد بن محمد السعود ليعود إلى جانبه من أجل الاهتمام به ورعايته باعتباره الإبن الأكبر، إلى أن توفي والده عن عمر ناهز 75 سنة. ثم توقف عن الدراسة وطلب العلم مدة سنة حيث كان يفكر في امتهان مهنة الفلاحة حتى وجد نفسه بالمسجد لتدريس العلوم وتحفيظ القرآن الكريم في مسجد حراقة لمدة 8 سنوات، في الأخير رجع إلى قريته ليقوم بنفس المهام وتعليم أبناء قريته لمدة 8 سنوات كذلك، ثم انتهت رحلته في تعليم وتحفيظ القرآن الكريم حيث أصيب بوعكة صحية أقعدته على كرسي متحرك منذ سنة 2008 إلى الآن، نسأل الله عز وجل أن ينظر إلى حاله ويمتعه بالصحة والعافية والبركة في العمر.
وقبل وداعنا للشيخ الجليل شفاه الله سلم له السيد رئيس المجلس العلمي المحلي شهادة تقديرية اعترافا بجهوده التي بذلها في خدمة القرآن الكريم بالإضافة إلى مبلغ مالي.
وختمت الزيارة بالدعاء الصالح لمولانا أمير المؤمنين بالنصر والتمكين وأن يقر عينه بولي عهده وسائر أفراد أسرته الكريمة.
وحرر يوم الأربعاء 2 ذو الحجة 1444 هجرية الموافق 21 يونيو 2023م.